قمة للشعوب العربية.. ارحموا الحكام بقلم/ سمير الأمير
أعتقد أن القمة أصبحت عبئاً على الشعوب العربية حيث تنفق الأموال الضخمة لتأمين الوفود الذين يذهبون ويجيئون وهم يعلمون أنهم لن يفعلوا شيئاً حقيقياً لمواجهة الخطر الذى أصبح يهددنا بالفناء، بل يعلمون أنهم يذهبون ليساهموا فى لعبة تضليل شعوبهم
والذين يرفضون الذهاب للقمة من الأخوة الأعزاء الأفاضل الملوك والرؤساء لديهم مبررات قوية إذ أنهم يعرفون أنهم لا يملكون لا لشعوبهم ولا لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، لكنهم على الأقل يمتلكون بعض الخجل الذى يجعلهم يفضلون القعود على الذهاب إلى "المكلمة" التى تشبه جلسات العلاج النفسى.
المشكلة إذن تكمن في الأخوة الأعزاء الآخرين الذين يرفعون شعارات النضال- تماما كما نفعل نحن المساكين من منتسبى الأمة العربية- ليساهموا فى خداع أنفسهم وخداع شعوبهم إذ يعلم الجميع أنه لا يمكن لأى قمة قادمة أن تنجح إلا إذا سبقها اعتراف الأخوة "الأولانيين" والأخوة " التانيين " بالدور الذى لعبه كل منهم فى القضاء على النظام العربى وإعلان توبته ورغبته في استقبال ما استدبر من أمره من أجل الشروع فى مقاومة المشاريع الأمريكية والصهيونية ومصالحة الشعوب العربية ودعوة كافة الفاعليات العربية للمشاركة فى بناء نظام عربى ديموقراطى جديد حتى وإن أدى ذلك إلى تخليه الطوعى عن الحكم بعد أن يعود إلى رشده ويدرك أن الوطن أكبر من كل الحكام وأن الحفاظ عليه أهم من الحفاظ على الكراسى التى سوف لا تصمد إذا انهار ما تبقى من البناء العربى فوق رؤوس الجميع حكاما ومحكومين، وأستميحك عذرا سيدى القارىء الكريم لكونى أعرف طبعاً أن ما أقوله يعد خيالاً وشططاً، فهؤلاء الأخوة الأفاضل طبعاً لن يعترفوا بالكوارث التى كانوا السبب المباشر لها ولا بالخطايا التى ارتكبوها فى حق مواطنيهم عندما حولوا شعوبهم إلى مجرد "هلافيت" يسعون لإطعام أبنائهم بعد أن مكنوا رجال البيزنس من السيطرة الكاملة على كل مقدراتنا الاقتصادية وبعد أن شردوا آلاف العمال عبر سياسة الخصخصة وإعادة هيكلة الاقتصاد والأوطان لتتوافق مع مشروع الشرق الأوسط الجديد الذى تقوده إسرائيل بهدف ضرب المقاومة ومسخ الهوية الوطنية للشعوب وتحويلها إلى قطعان تسعى لسد الرمق لكى يتأكد الصهاينة أن النظام الرسمى لم يعد قادرا على إظهار أى قدر ولو ضئيل من التجانس أو من التضامن وأن الحكومات قد قبلت بقدرها ودورها فى ظل السيادة الإسرائيلية ليسهل للكيان الصهيونى التعامل معهم بعد منحهم شهادة الأيزو المؤهلة لنيل درجة العمالة بامتياز للنظام الأمريكى الجديد بعد اجتياز فترة اختبار قد تتجاوز في بعض الحالات العشرين عاما! لإثبات ولائهم للسيد القابع فى البيت الأبيض وللنظام العالمى الجديد
القمة إذن يجب أن يغيب عنها كل المتخاذلين وملوك البيزنيس ووكلاء الشركات متعددة الجنسية حتى لو كان منهم من يحمل لقب جلالة الملك أو فخامة الرئيس لأنه لا جلالة ولا فخامة لمن لم يحافظوا على مصالح شعوبهم ولا لمن فرطوا فى في الأمن القومى لأمتهم.
القمة يجب أن تكون للمقاومين ورافضى الخنوع والاستسلام الذين يحملون فى عقولهم وقلوبهم أمل التحرير، القمة يجب أن تكون لممثلى الأحزاب والنقابات وفصائل المقاومة فى ربوع الوطن العربى، أما هؤلاء الحكام فلم يعد لديهم ما يقدمونه ومن ثم تصبح مطالبتهم والضغط عليهم ضرباً من العبث الذى يجب أن نتوقف عن ممارسته، و إلا نقع نحن أيضا كمثقفين في نفس الموقف الخائب وهو موقف تبرئة الذمة عبر المناشدات التى نعلم سلفا أنها لن تؤتى ثمارها وهو نفس ما يفعله الأخوة "الأشاوس" الحكام العرب حين يناشدون الولايات المتحدة أن تتدخل لفعل ما لا يفعلونه هم... و قديما قال الشاعر الشعبى" مسكين من يطبخ الفاس ويريد مرق من حديده" بغض النظر عن كون" الحديدة" هى النظام العربى الحالى أو الإدارات الأمريكية السابقة و الحالية والقادمة!