أغنية للروح .. ثروت سليم

أغنيةٌ للروح
قصيدة مهداةٌ لأستاذي الشاعرالمصري العربي الكبير
محمد محمد الشهاوي
*****
أغيبُ عنك ولكن منكَ لم أغِبِ
يا أنتَ يا أنتَ يا من فيكَ سِرُ نبي
وفيك أسرارُ حُبٍ ليس يُدرِكُها
إلا الذي كان مسئولاً عن السببِ
وفيكَ مِنِ رِقَّةٍ تعلو فضائلُها
وفيكَ من كبرياءِ ِالشمسِ ِوِالشُهُبُِ
تعفو إذا الناس زادَ الحقدُ بينهُمُ
وترتقي كلما تَسمو عن العتب
فإنْ تناءيتُ سهواً لستُ أدرِكُهُ
وإن تغيبتُ عُذراً يا أخَ العَرَبِ
أنتَ الذي في رياضِ الشِّعرِِ علَّمني
كيفَ التصوفُ بينَ العلمِ و الأدَبِ
كيف التطرفُ في نَصٍ أُريدَ بِهِ
أمراَ عظيماً وكيف الصومُ في رَجَبِ
كيف الشهاوِيُ في بَحرِ الجمالِِ لهُ
بحرُ البسيطِ بدا في قِمَّةِ الطَرَبِ
كيف القصيدةُ ليلاً تُصْبِحُ امرأةً
تذوبُ ما بينَ أحضاني ولَم أتُبِ
وضَّأتُهَا برحيقِِ الياسمين ضُحَىً
وخِلْتُ في معصميها رعشَةَ الذَهَبِ
صلَّتْ فصليتُ حتى هِمْتُ في فَمِهَا
وسَالَ شهد رحيقِ الحُبِ في كُتُبي
علَّمْتني كيف صوتُ الفجرِ يؤنسني
وقدرةُ اللهِ فوق الشك و الريب
علمتني كيف يغدو الماءُ قافلةً
وكيف للنارِ أن تعفو عن الحطبِ
وأن للعشق قاموساً وأنت به
للعاشقين كسحر الخمر في العنبِ
وأن للوطن المزروع في دمنا
عند الشدائد أمواجاً من الغضبِ
وأن للبحر عند الصبح أغنية
وفي الغروب يُغني شوق مغتربِ
الشعر أنتَ وفي كفيك قافية
شهد يسيل بطعم الفستق الحلبي
كتبتَ أحلى أحاديث الهوى زمنا
من الكنانة حتى فاض في حلب
وكنت للقدس قدسا كل نازلة
لها الدعاء بأمي انتَ أو بأبي
فالدين لله والأخلاق ُ في شرفٍ
وكعبة الله لا تهدى لمغتصبِ
و شرف الله أهل الأرض أكرمهم
بهدي أحمد بعد الزيف والكذبِ
وطفت بغداد والمنصور في ألقٍ
وقد عرفتك شهما غير مضطرب
تقول في الحُبِ قولا ليسَ يعرفُهُ
إلا النواسيُ في جاهٍ وفي حَسَبِ
فأنت صوتُ ُضُميرِ القلبِ في لغةٍ
مُنسابةٍ تتباهى فوق ذي نسبِ
فلا وربِّكَ في عينيك طيفُ ندى
وأنتَ نَيلُ المُنى في غايِة الطلبِ

ثروت سليم